اليوم تغيبُ شمسي، يحلُّ المساءْ،
تُسدلُ ستارتي وتُطفىءُ الأضواء،
تجفُّ آخر قطرات عطري في هذا الإناء
ولا يبقى منّي إلاّ ذكرى طيّبة
تفوح في الأجواء...
أنا الذي زرعت الآمال غاباتٍ
ومساحاتٍ خضراء
تحوّلتْ كلُّها في لحظةٍ إلى قفرٍ
إلى صحراء
صحراءٍ تتطاير رمالُها غباراً
في هَيجَةِ الهواء
فتهيّجُ عيوناً تقبِّلُ بالدمع خدود الأحبّاء...
أحبّائي؟! نعم، جمعتُ أحبّاءاً
كما خسرتُ بعض الأحبّاءِ والأصدقاء
وأنعشتُ قلوباً
كما كسرتُ الكثير من قلوب النساء...
عشت مستقيماً صادقاً
كما كذبتُ وارتكبت الكثير من الأخطاء
فما قيمةُ حياةٍ نترك كلّ صفحاتها بيضاء؟
اليوم يغيب في البعيد نوري
كنجوم الفجر في السماء،
أغيبُ كنجوم الفجرِ تموتُ ليكون صباحٌ وضياء
فإن لم نَمُتْ نحنُ
ما قيمة الحياة ما نفعُ البقاء؟
ما قيمة الصلاةِ والآمالِ والأحلامِ والرجاء؟
أموتُ، أنا الذي أمرضني حبُّ الحياةِ
ولم أعرف لمرضي شفاء،
أنا الذي عشتُ ملكاً على عروش اللحظاتِ
ولم أعرف شقاء...
لا أريد ان تعيش ذكرايَ في أغراضيْ القليلةْ،
في الأشياء؛
فذكرايَ خالدةٌ بلحظاتٍ حفرتها في العقولِ،
وأفكارٍ كتبتها لتتردّد كالأصداء...
أغيب اليوم مرتاحاً،
وأصلّي أن يكون بعيداً يومُ اللقاء
أعرفُ أنّ لحظاتي القليلة على الأرضِ
لم تضع هباء
أموت أنا اليوم... ألم يمتْ كلُّ العظماء؟!
فلماذا إذاً تتحسّر القلوبُ،
وما نفع الدموعِ وجدوى البكاء؟