...عا رواق... حلو الرواق

Monday, June 27, 2011

انها قصة حب (Part 11)


 لعلّها "حلوة عن جَدّ" فلين لا تعرفها، بينما حبيب يقصدها كلّ يوم ويعرف طرقاتها وزواياها شبراً شبراً. هو الخبير بأهلها كما الغرباء. هو سائق السرفيس المخضرم يقصّ للراكب في كلّ شارع قصّةً عن "أيّام العزّ" أو بطولاتٍ وحتّى مآسٍ في "أيّام الحرب". يتحسّر، يتنهّد، يتمتم "خربونا... قسمونا... بلا ما نحسّ... " يتنهّد مجدّداً ثمّ يتمتم "ماشي الحال". 

  يبتسم ويلتفت إلى الراكب ويسأله إذا كان هذا مروره الأوّل في هذا الجزء من المدينة، ليعدّد له الأماكن التي يجب عليه زيارتها إذا ما توقّفت فيه بيروت يوماً في هذا الشارع. فسائقوا السرفيس في بيروت مثقّفون، يتقنون ثلاث لغاتٍ، لا يعصو عليهم ولا يخبو مكان. يرسمون شوارعها بخطوطٍ متعرّجة تتغيّر وتتحوّل مع كلّ راكب وكلّ ازدحام. يزمّرون، يتذمّرون، يتشاجرون فيما بينهم، يتجمّعون على مفارق الطرقات، والمنافذ الحيويّة، يسبّبون الإزعاج للمشاة كما السائقين، يلوّثون الأجواء بأصوات زماميرهم ودخان سيّاراتهم وسجائرهم... باختصارٍ، يضجّون ويضخّون الحياة في المدينة... إنّهم حياةٌ تنبض في عروقها!

(يتبع)


انها قصة حب - الفصل الثاني:

Sunday, June 19, 2011

انها قصة حب (Part 10)

تزورها لينٌ وقد أعادتها هذه الزيارة طفلةً ترتجف في زاوية ذلك الملجأ... إلى إن انتشلها منه صوت حبيب، سائق السرفيس: "قرّبنا نوصل... ليش مشنّجة؟! ما تعتلي همّ، بيروت حلوة، بكرا بتتعوّدي عليا وبتصيري تحبّيا... ومنصير نشتقلك بالضيعة!"

"بيروت حلوة؟! رح صير حبّا؟!" تساءلت لين في نفسها. وما الجميل في مدينةٍ رَمَّمت الحجارة وأغفلت أبناءها بعد أن فرّقتهم وشتّتتهم في زوايا العالم قطعاً متناثرةً من ماضٍ جميل. كأنّها نست أنّ جمال وهدوء رخام المدافن لا يقارنُ بسحر وعجقة أحقر الأكواخ، كأنّها نست أنّ أجمل الورود دون حياةٍ في عروقها تيبس وتُرمى...

ولكن، من هي لين لتحكم على مدينةٍ لم ترها منذ أكثر من عقدٍ ونصف؟! من هي لتحكم على مدينةٍ نهضت من حربٍ دمّرها فيها أبناؤها وقطعوا أوصالها دون أن تموت. لعلّ هذه المدينة تعلّمت بعد سنين الحرب الطويلة أنّ أبناءها هم المخرّبون، هم القتلة، وحضورهم على أرضها هو تدنيسٌ لهذه الأرض وماضيها العريق ومستقبلها الزاهر. فبيروت لا تحتاجُ إليهم لتحيا، هي خالدةٌ تستمدّ الحياة من الهواء، من الموج، من البحر، من قمم جبالها وأشعّة شمسها... ومن تاريخٍ يتوشوش مع النسيم في ساحاتٍ وإن أقفرت، بقي فيها الدوريّ يلحّن أصوات قناصةٍ، أو آهات جرحى، أو صيحات باعةٍ اختفوا مع عجقة أسواق الماضي البعيد ومقاهيه.


بيروت اليوم لا تعود إليها الحياة، فالحياة وإن قُصفت وشُوِّهت وهُجِرت فيها، لم تغادرها يوماً.



(يتبع)


انها قصة حب - الفصل الثاني:

Tuesday, June 14, 2011

انها قصة حب (Part 9)


نعم، بيروت، مدينة الموت التي أعدمت ساحاتُها أمجاداً وأحلاماً وأحبّاءاً، وعفت عن البعض فقط لتتركهم شهوداً يبكون على أضرحتها، يتذكّرون ويتحسّرون... نعم، مدينة الموت هذه، تعود إليها الحياة.

تعود إليها الحياة كما المدافن في تذكار الموتى: زائروها غرباءٌ أتوا يتأسّفون على ما فقدوا، يبكون، يصلّون، يجلسون، يتحدّثون،... أتوا، لكنّهم في آخر النهار يعودون كلٌّ إلى منزله، بعيدأ عنها، حيث الحياة. كالمدافن علت شهود أضرحتها ورُمِّمت لتبدو للغريب جميلةً زاهية، علّه يُسحر بها ويحوّلها مسكناً له لتحوّله هي... إلى ساكنٍ بين القبور. 

بيروتُ اليوم تعود إليها الحياة...

(يتبع)


انها قصة حب - الفصل الثاني:

Sunday, June 12, 2011

The Addictive Secret of Homemade Tabouleh

This tasty mix of parsley, tomatoes, onions, bulgur, lemon juice, olive oil, salt and pepper, this essential Lebanese Sunday salad that always tastes better at home, with a shot of Arak, has to have a secret!

Fattouch may sometimes taste better in a restaurant, but never tabouleh; we all know that “Mom’s tabouleh is the best”. And in my opinion, the reason must be more than just habit or motherly love; it is definitely a secret ingredient, one that is never communicated in cookbooks, or in online recipes. But it has to be related to mothers; a secret that has only been communicated from mother to daughter (or daughter-in-law) for decades.





Last Sunday, while I was enjoying my Sunday tabouleh, the secret was revealed. I don’t know why, but I have been really enjoying food lately; I think I developed a stronger sense of taste. And last Sunday, I sensed a taste that has always been there, but this time, I could identify it; it was sugar! Yes, sweet, sinful, addictive, and calorie-intensive sugar. And I had to ask Mom!


Surprisingly, when I did, she nodded discretely. I think she was embarrassed that I found her secret. She told me later (after lunch) that she once had a big quarrel with Dad because he thought she was mistakenly putting sugar instead of salt. She added that sugar is sometimes added to balance all ingredients and that both my grandmas did it!

I guess Mom had her reasons not to tell, what is your mother’s excuse? Next time you’re enjoying your mother's tabouleh, try identifying this sweet taste and if you do, do not hesitate to ask. But make sure to do it discretely because she may always deny it in public.


So, how does your mother prepare the tabouleh? Extra sugar? Extra Virgin oil? Or just extra care and love?

Sunday, June 5, 2011

صرخةُ عائد



أنا غريبٌ، أنا مشرّدٌ، أنا محتاج،
أنظر إلى أرضي بشوقٍ وغضبٍ واهتياج،
وبعطشٍ لا يرتوي إلاّ بها،
فكيف لا أروي الدم من ترابها...
كيف لا اركض صوبها، مستشهداً قرب السياج...



انها قصة حب (Part 8)

  كثيرون يحبّون مشهد غروب الشمس، ويرون فيه تجسيداً لكلّ ما في الطبيعة من جمالٍ وألوان. لكنّه، وبالنّسبة للبعض، تجسيدٌ للموت، انحسارٌ لكُلِّ جمال الطبيعة وألوانها في لحظةٍ أخيرة، آخر رمقٍ لنهارٍ غلبه الظلام. 

هؤلاء يفضّلون شروق الشمس: لحظةٌ يرسمها الفجر زاهية الألوان على صفحات الليل السوداء، لحظةٌ يصيح فيها الدّيك للدنيا لتقوم بينما يرندح الدوريّ للليل لينام... لحظةٌ تعانق فيها الشمس أرضها الجميلة بدفء أشعّةٍ ذهبيّة.

 واليوم، حين أطلّت الشمس على إحدى قرى الشمال، رأتها واقفةً هناك، فتاة في العشرين من عمرها مفعمةٌ بالحياة، واقفةٌ أمام مدافن الضيعة تصلّي. تتذكّر ذلك اليوم حين أحضروها إلى منزل جدّيها وكان الجميع ينظر إليها بنظرات الشفقة والتحسّر. إنّها لين. ذلك اليوم وُجدت أمّها على الرصيف ممدّدةً على الأرض متمسّكةً بربطة الخبز وقد أصابتها إحدى الشظايا. 

واليوم تودِّعها لين وتصلّي إلى السماء لتحميها؛ فهبي ذاهبةٌ إلى بيروت.  


(يتبع)


انها قصة حب - الفصل الأوّل