...عا رواق... حلو الرواق

Sunday, June 19, 2011

انها قصة حب (Part 10)

تزورها لينٌ وقد أعادتها هذه الزيارة طفلةً ترتجف في زاوية ذلك الملجأ... إلى إن انتشلها منه صوت حبيب، سائق السرفيس: "قرّبنا نوصل... ليش مشنّجة؟! ما تعتلي همّ، بيروت حلوة، بكرا بتتعوّدي عليا وبتصيري تحبّيا... ومنصير نشتقلك بالضيعة!"

"بيروت حلوة؟! رح صير حبّا؟!" تساءلت لين في نفسها. وما الجميل في مدينةٍ رَمَّمت الحجارة وأغفلت أبناءها بعد أن فرّقتهم وشتّتتهم في زوايا العالم قطعاً متناثرةً من ماضٍ جميل. كأنّها نست أنّ جمال وهدوء رخام المدافن لا يقارنُ بسحر وعجقة أحقر الأكواخ، كأنّها نست أنّ أجمل الورود دون حياةٍ في عروقها تيبس وتُرمى...

ولكن، من هي لين لتحكم على مدينةٍ لم ترها منذ أكثر من عقدٍ ونصف؟! من هي لتحكم على مدينةٍ نهضت من حربٍ دمّرها فيها أبناؤها وقطعوا أوصالها دون أن تموت. لعلّ هذه المدينة تعلّمت بعد سنين الحرب الطويلة أنّ أبناءها هم المخرّبون، هم القتلة، وحضورهم على أرضها هو تدنيسٌ لهذه الأرض وماضيها العريق ومستقبلها الزاهر. فبيروت لا تحتاجُ إليهم لتحيا، هي خالدةٌ تستمدّ الحياة من الهواء، من الموج، من البحر، من قمم جبالها وأشعّة شمسها... ومن تاريخٍ يتوشوش مع النسيم في ساحاتٍ وإن أقفرت، بقي فيها الدوريّ يلحّن أصوات قناصةٍ، أو آهات جرحى، أو صيحات باعةٍ اختفوا مع عجقة أسواق الماضي البعيد ومقاهيه.


بيروت اليوم لا تعود إليها الحياة، فالحياة وإن قُصفت وشُوِّهت وهُجِرت فيها، لم تغادرها يوماً.



(يتبع)


انها قصة حب - الفصل الثاني:

No comments:

Post a Comment